القائمة الرئيسية

الصفحات

 نزار قباني (1923-1998) هو شاعر ودبلوماسي سوري مشهور. ولد في دمشق، ودرس في الجامعات الأمريكية والبريطانية. عمل في الخارجية السورية وشغل عدة مناصب الدبلوماسية في سفارات بلاده في عدة دول، من بينها تركيا ولبنان ومصر ولبنان والمملكة المتحدة. 


يعتبر قباني واحداً من أبرز شعراء العرب في القرن العشرين، وله مكانة مرموقة في التاريخ الأدبي العربي المعاصر. يتميز شعره باللغة العربية الفصحى السلسة والواضحة، وبموضوعاته العاطفية والاجتماعية والسياسية. ومن بين أشهر قصائده "أمي" و"الأماكن" و"أنا والعاصفة" و"رسالة إلى حبيبتي"، وغيرها من القصائد التي تعبر عن مشاعر الحب والفراق والوطنية والتحولات الاجتماعية في العالم العربي.


تعد شعرية نزار قباني محط إعجاب الجماهير العربية حتى اليوم، ويتم تدريس أعماله في المدارس والجامعات العربية، وله مكانة خاصة في قلوب العرب كشاعر للحب والجمال والإنسانية.


رسالة إلى حبيبتي :

يا من هواها فؤادي وفؤادها،

تعالي نتنفس الهواء، الذي مزجته الرياح بالعطور،

ونحكي لبعضنا ما جرى بيني وبينك،

في ليالي الصيف الحارقة، وفي صباحات الشتاء الباردة،

فأنتِ كالزهرة المتفتحة في حضن الربيع،

وكالطير المغرد في سماء الصيف الصافية،

وكالشمس الساطعة في صباح يوم جديد.


أنا وأنتِ، يا حبيبتي، كنا وما زلنا نتذكر الأيام الجميلة التي قضيناها سويًا، ونتذكر اللحظات السعيدة التي شاركناها، ونتذكر الأحلام التيكنا نحلم بها سويًا، والتي لا تزال تراودنا في ليالي الشوق والحنين.


أحلم بكل الأشياء الجميلة، وأحلم بأن تكوني دائمًا بجانبي، وأن نعيش سويًا في حب وسعادة وطمأنينةفأنتِ أملي وحلمي وحياتي، وأناأحبك بكل ما فيني من قوة وعاطفة وشغف.


فتعالي، يا حبيبتي، ولنعيش سويًا في عالم الحب والسعادة، فليس هناك في الحياة أجمل من الحب الصادق والعاطفة النقية والتضحية،وأنا على استعداد لتقديم كل شيء من أجلك، ولأنتظرك في كل الليالي وفي كل الأيام، حتى يأتي الوقت الذي نجتمع فيه سويًا، ونبني سويًامستقبلًا أفضل، مليء بالحب والسعادة والتفاؤل.


فتعالي، يا حبيبتي، ودعينا نعيش سويًا في عالم الحب والجمال والإنسانية، ولنجعل حياتنا جنة على الأرض، تسكنها المحبة والسعادة والسلام.



أمي:


أمي، أنتِ كلُّ الحُبُّ في الحَياةْ،

وفي دُروبِ العَسْلِ والدُّمْعِ والآلامِ،

أنتِ الدَّفْءُ والحُنانُ والحِنَانْ،

وفي قلبي أنتِ الحُبُّ والأمانْ.


أمي، أنتِ نبضُ الحياةْ،

وفي عينيكِ يَسْتَجِمُّ النَّهَرُ والغيمُ،

وفي حُضنِكَ يَحْتَمِي الرِّضَا والسَّلامْ،

وفي صَوْتِكَ يَلْتَحِمُّ القُرآنُ والنَّغَمُ.


أمي، إنَّكَ أغْلَى النُّعْمِ في الحَياةْ،

وعِنْدَ الحُزْنِ أنتِ الصَّدِيقةُ المُخْلِصَةْ،

وعِنْدَ الفَرَحِ أنتِ الحَبِيبَةُ المُبْتَسِمَةْ،

وعِنْدَ الثَّرَى أنتِ الأمُّ الحَنُونَةْ.


أمي، أنتِ الوَفَاءُ والإخْلاصُ والحِمَى،

وفي مَشْيِكِ يَلْمَعُ الحِلْمُ والأمَلْ،

وفي دُعائِكِ تَصْعَدُ الروُحُ إلى السَّمَاء،وتُشْعِلُ القُلوبَ بِنُورِ الإيمَانْ.


أمي، أغَنِّي لَكِ طُوَيْلَ الأَعْوَامْ،

وفي قَلْبِي أنتِ الغَنَاءُ والهَنَاءْ،

فَدَعِينِي أَقْبَلُ إِلَيْكِ بِحُبٍّ عَظِيمْ،

وأَسْتَلِقُ عَلَى صَدْرِكِ وَأَغِيبُ في النَّوْمْ.


الأماكن :

كَمْ هِيَ جَمِيلَةٌ الأَمَاكِنُ،
التِّي تَرْكَتْ خَلْفَهَا أَثَرًا،
وفِي الذَّاكِرَةِ بَقِيَ الصَّدَى،
وَالأَحْلَامُ تَتَرَاقَصُ وَرَاءَ الأَبْوَابِ القَدِيمَةِ.

أَيْنَ الأَمَاكِنُ التِّي عِشْتُ فِيهَا،
وَأَحَبَّبْتُ صَغِيرًا،
أَيْنَ الأَحْلَامُ التِّي حَلُمْتُهَا،
وَالأَصْدَقَاءُ الَّذِينَ مَرَّوْا كَالرِّيحِ وَمَرُّوا.

أَيْنَ الأَزِقَّةُ الضَّيِّقَةُ،
وَالدُّكَّانُ الَّذِي كَانَ يُبَيِّعُ الْحَلْوَى،
وَالبَيْتُ الَّذِي كَانَ يَحْتَضِنُ الْأَحْبَابَ،
وَالشَّجَرُ الَّذِي كَانَ يُسْتَظِلُّ تَحْتَهُ الْأَطْفَالُ.

أَيْنَ النِّهَارُ الَّذِي كَانَ يَضْحَكُ،
وَاللَّيْلُ الَّذِي النُّجُومِ الْمُشْرِقَةِ،
وَالرِّيَاحُ الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلُ أَنْفَاسَ الْحَيَاةِ،
وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي كَانَتْ تَمْلَأُ الْقَلْبَ بِالْأَمَلِ وَالْفَرَحِ.

أَيْنَ الطُّفُولَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَلِقُّ تَحْتَ الشَّمْسِ،
وَتَذْهَبُ لِلْفَرَحِ مَعَ النَّسِيمِ،
وَتَلْهَوُ بِالْأَشْيَاءِ الْبَسِيطَةِ،
وَتَحْمِلُ الْحُلُمَاتِ بِيْنَ يَدَيْهَا.

أَيْنَ الأَمَاكِنُ التِّي تَحْمِلُ الذِّكْرَيَاتُ،
وَالأَحْلَامُ الَّتِي تَحْمِلُ الْأَمَانَاتُ،
وَالْقُلُوبُ الَّتِي تَحْمِلُ الْمَشَاعِرُ،
وَالْأَصْدِقَاءُ الَّذِينَ تَحْمِلُ الْوَفَاءُ.

أَيْنَ الأَمَاكِنُ، أَيْنَ الأَحْلَامُ،
أَيْنَ الْأَصْدِقَاءُ، أَيْنَ الْمَشَاعِرُ،
أَيْنَ نَحْنُ، أَيْنَ نَحْنُ،
فَالزَّمَنُ يَمْضِي وَيَمْضِي الْعُمْرُ،
وَتَبْقَى الذِّكْرَيَاتُ فَقَطْ،
تَبْقَى الْحُلُمَاتُ فَقَطْ،
تَبْقَى الْأَحْبَابُ فَقَطْ،
فَلَنَحْتَفِلْ بِالْحَاضِرِ،
وَنَذْكُرُ الْمَاضِي،
وَنَحْلُمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ،
فَالأَمَاكِنُ تَبْقَى،
وَالْذِّكْرَيَاتُ تَبْقَى،
وَالْأَحْلَامُ تَبْقَى،
وَالْأَصْدِقَاءُ يَبْقَونَ،
وَالْحُبُّ يَبْقَى،
فَلَنَحْتَفِلْ بِهَذَا الْحُبِّ،
وَنَعِيشُهُ بِكُلِِّ شَغَفٍ،
وَنَحْمِلُهُ فِي قُلُوبِنَا،
وَنَحْمِلُهُ فِي أَروَاحِنَا،
فَلَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلَ مِنَ الْحُبِّ،
وَلَيْسَ هُنَاكَ أَغْنَى مِنَ الذِّكْرَيَاتِ،
وَلَيْسَ هُنَاكَ أَثْمَنَ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ،
فَلَنَهْتِفْ بِالْحَيَاةِ،
وَنَعِيشُهَا بِكُلِّ جَمَالٍ،
وَنُحِبُّهَا بِكُلِّ قُوَّةٍ،
فَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ،
وَهَذِهِ هِيَ الأَمَاكِنُ.

تعليقات